Al-Athar al-Machour 'an al-Imam Malik - الأثر المشهور عن الإمام مالك في صفة الاستواء - الشيخ عبد الرزاق البدر
ولما كان الأمر بهذه المثابة وعلى هذا القدر من الأهمية أحببت أن أقدّم دراسة لأحد الآثار المرويّة عن السلف الصالح - رحمهم الله - في تقرير التوحيد وردّ البدع والأهواء؛ ليكون - إن شاء الله - أنموذجًا للتدليل على عِظم فائدة العناية بآثار السلف وعظم ما يحصله من عُنيَ بذلك من فوائد وثمار ومنافع
ولهذا نشطت في إعداد هذه الدراسة للأثر المشهور عن الإمام مالك – رحمه الله - عند ما جاءه رجل وقال له: يا أبا عبد الله ﴿الرَّحْمَنُ عَلى العَرْشِ اسْتَوى﴾ كيف استوى؟، فتأثّر مالك من هذه المسألة الشنيعة وعلاه الرحضاء [أي العَرَق]، وقال في إجابته لهذا السائل: «الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة»، وأمر بالسائل أن يُخرج من مجلسه، وهو أثر عظيمُ النفع جليلُ الفائدة
ويمكن أن أحدِّد أهمّ الدوافع التي شجّعت لتقديم هذه الدراسة لهذا الأثر خاصة في النقاط التالية:
أوّلًا: أنّ هذا الأثر قد تلقّاه الناس بالقبول، فليس في أهل السنة والجماعة من ينكره، كما يذكر ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية، بل إنّ أهل العلم قد ائتمّو به واستجودوه واستحسنوه
ثانيًا: أنّه من أنبل جواب وقع في هذه المسألة وأشدّه استيعابًا؛ لأنَّ فيه نبذ التكييف وإثبات الاستواء المعلوم في اللغة على وجه يليق بالله عز وجل
ثالثًا: أنّ قوله هذا ليس خاصًّا بصفة الاستواء، بل هو بمثابة القاعدة التي يمكن أن تُقال في جميع الصفات
رابعًا: محاولة أهل البدع في القديم والحديث تبديل معناه وتحريف مراده بطرق متكلّفة وسبل مختلفة
خامسًا: محاولة أحد جهّال المعاصرين التشكيك في ثبوته والطعن في أسانيده
سادسًا: التنبيه إلى أنّ بعض أتباع الأئمة في الفروع لم يوَفَّقوا إلى العناية بمذهب أئمّتهم في الأصول، ولهذا ترى في بعض من يتعصّبون إلى مذهب الإمام مالك – رحمه الله - في الفروع من يخالفه في أصول الدين، ويفارقه في أساس المعتقد بسبب غلبة الأهواء وانتشار البدع
إلى غير ذلك من الأسباب، وقد جعلت هذه الدراسة بعنوان:
(الأثر المشهور عن الإمام مالك – رحمه الله - في صفة الاستواء دراسة تحليلية)
أما الهدف من هذه الدراسة فهي إعطاء هذا الأثر مكانته اللائقة به واستخراج الدروس والقواعد العلمية المستفادة منه، والردّ على تحريفات المناوئين، وتشكيكات المحرّفين